التدليك التايلاندي
عُرف التدليك التايلاندي التقليدي أو نواد تاي قبل 2500 عام، وهو فن قديم متجذر في الثقافة التايلاندية. اكتسب شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم ليس من قبل التايلانديين فقط نظراً لفوائده الكبيرة.
انضم إلينا في رحلة لاستكشاف الجذور الأولى للتدليك التايلاندي وكيف تم إدراجه كتراث ثقافي غير ملموس من قبل منظمة اليونسكو للإنسانية.
جذور التدليك التايلاندي في العقيدة البوذية
يعتبر نواد تاي فرعًا من فروع الطب التقليدي التايلاندي، وهو متجذر بقوة في الديانة البوذية السائدة في البلاد. تقول الأسطورة أن المنهجية القديمة لـ نواد تاي نشأت في تايلاند مع وصول اثنين من الرهبان البوذيين المبشرين خلال العصر البوذي أو 546 م في التقويم الغريغوري. أرسلهم الإمبراطور الهندي أسوكا وأحضروا معهم أيضًا تعاليم Chiwaka Komparaphat وهو طبيب بوذا الشخصي.
يقال إن Chiwaka Komparaphat قد سارع إلى تطبيق النظام الروحي في العقيدة البوذية وعلّم الرهبان البوذيين على علاج الأيورفيدا مثل العلاجات العشبية والعلاج بالتدليك واليوغا والتأمل. حيث، كان الرهبان يمارسون اليوغا لتخفيف آلام العضلات الناتجة عن ساعات التأمل الطويلة.
عملت المعابد البوذية أيضًا كمراكز للشفاء حيث استخدم الرهبان حكمة الأيورفيدا لعلاج المرضى والجرحى من أفراد المجتمع وأيضًا لنقل هذه الحكمة.
من البلاط الملكي إلى البيوت المتواضعة
كما شق نواد تاي طريقه نحو البلاط الملكي، ووجدت مصادر والأدلة المكتوبة منذ عام 1455 ميلادي حين أصدر الملك Chiwaka Komparaphat خلال فترة حكم أيوثايا (تايلاند قديماً) مرسوماً ملكياً بِادراج نواد تاي كقسم من أقسام الرعاية الطبيّة الملكية وهذا يُثبت أنّ التدليك التايلاندي كان ممارسة منتظمة في تلك العصور القديمة. ويقال بعدها أتلفت العديد من مخططات الخاصة للنواد تاي ولقوا الكثير من معالجين حتفهم ولم يعرف السبب الرئيسي لذلك.
في عهد ملوك أسرة تشاكري عاد نواد تاي حين أمر الملكس المؤسس بارجاع مكانة نواد تاي ووضع تماثيل قرب القصر تعبر وتحثّ الناس على ممارسة اليوغا كجزء من عناصر التدليك التايلاندي.
في وقت لاحق، قام جلالة الملك نانغ كلاو (الملك راما الثالث) ببناء مركزًا للتعليم العام للنواد تاي وذلك بإعادة ترميم التماثيل المتآكلة التي بُبنيّت في عهد ملوك أسرة تشاكري ووضع لوحات رخامية منقوشة موضوعة على طول جدران المعبد. تضمنت النقوش الحجرية 60 مخططًا تفصيليًا للتدليك لجسم الإنسان. هذه اللوحات تُعرف باسم المحفوظات الكتابية لوات فو، معترف بها رسميًا باعتبارها أكثر المحفوظات اكتمالًا وشمولاً لأدلة نواد تاي.
نواد تاي والشعب التايلاندي
وجد نواد تاي أيضا طريقه نحو المنازل التايلاندية العادية. يمكن إرجاع أوائل المتبنين للتدليك التايلاندي إلى القرى الريفية والتي تضمنت معالج معين لكل نوع من نواد تاي، بعد التعب من العمل في حقول الأرز، يقوم المزارعون بتهدئة عضلاتهم المؤلمة باستخدام تقنيات نواد تاي.
عندما كان الآباء والأجداد التايلانديون صغاراً كانوا يقومون بتدليك كبار السن وتوارثت عبر الأجيال.
إذْ يحثّون أطفالهم على القيام بِـ نواد تاي من أجلهم.
نواد تاي واليونيسكو
يمنحنا التراث إحساسًا بالهوية والاستمرارية لاسيما أنّ العالم يتغير بِاستمرار. وحفاظاً على التقاليد والمهارات وحتى المهارات التي لا تقاس بثمن كان لابد من وجود قائمة تحمي ذلك، لذا وُجدت اليونيسكو لتعزيز الثقافات المتوارثة في ظل العولة المتنامية.
نظرًا لتاريخها الغني وتقاليدها وعلاقاتها العميقة بالروحانية التايلاندية والنظام الملكي والمجتمع، تم إدراج نواد تاي (المساج التايلاندي التقليدي) في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في 12 ديسمبر 2019، لتنضم إلى رقصة الدراما المقنعة في تايلاند، والتي كانت مسجل منذ 2018.
تطوّر نواد تاي
نواد تاي هو أكثر من اندماج النصوص والنقوش التقليدية. ويشمل أيضًا المعرفة المكتسبة من الخبرة العملية والتبادلات مع الممارسين الآخرين ، بالإضافة إلى المعرفة التي يتم نقلها من شيوخ المجتمع المحلي والماجستير إلى المتدربين.
استمر التدليك التايلاندي في التطور عبر الأزمنة مع إضافة حكمة الرعاية الصحيّة والمعرفة المكتسبة من الخبرات العلمية التي يشاركها الآخرون، بما في ذلك المهاجرون الصينيون إلى سيام (تايلاند قديماً).
لمْ يقتصر تعلّم نواد تاي على الرجال فقط، حتى النساء لم يُمنعن من تعلمه وممارسته.
مع اكتساب نواد تاي شعبية عالمية، بنيت عدد مؤسسات التدليك التايلاندي التقليدية، وعلى الرغم من اختلاف في طريقة تطبيقها إلاّ أنّ تقنياتها تظل جميعها مرتبطة بنفس مصدر المعرفة الأصلية.
تعليقات